الاثنين، 9 يناير 2012

قليل من الاحترام لعقول المواطنين

ليلة الجمعة الماضية تابعت البرنامج الذي ظهر فيه حمدا ولد التاه وتمت إعادته عدة مرات! مالفت إنتباهي أن خطيب الجمعة كان هو الآخر قد تابع نفس البرنامج فقد كان الموضوع موحدا وطريقة طرحه تتشابه الي حد ما! ... البرنامج تحدث عن حرمة الخروج علي الحاكم وعن التحذير من الفتن ومن الحرب الأهلية و...... لكنه لم يتحدث لا عن الأسباب ولا عن آليات الخروج من الحالة التي جعلتنا نتحدث عن بوادر كل تلك الظواهر! حينها اعتبرت البرنامج المعروض إستفزازيا وأكثر ماإستفزني فيه هو قول الشيخ حمدا : (أن الإنقلابي يعتبر خارجا علي السلطة في حالة فشل انقلابه، ورئيسا منتصرا لايجوز الخروج عليه مهما كان ظلمه وفسقه... في حال كانت له الغلبة ونجح انقلابه)! الشيخ حمدا معروف بإتقانه لعلم المنطق والمنطق يقول  أن الجريمة لايمكن أن تتحول إلي نصر مهما كانت النتيجة التي ستؤول اليها! وقطعا جريمة ولد عبد العزيز لم تكن سوي نصرا له هو والقلة المستفيدة معه، والدليل هي الأسباب التي جعلت الشيخ حمدا يفتي بمثل هكذا فتاوي! كماأن الشيخ حمدا قال أن مشكلتنا في موريتانيا هي الإفتقار إلي دارسي ومدرسي علوم "فقه السلطة" وفي هذه النقطة أتفق معه لكن أول من يجب عليه تعلم هذا الفقه هو من بيدهم السلطة وعلي رأسهم ولد عبد العزيز الذي قام بإنقلاب أضرّ بالبلاد والعباد لمجرّد أنه أقاله رئيسه الذي رقّاه الي رتبة جنرال من منصبه!
منطق الشيخ حمدا جعلني أتذكر منطقا آخر لشيخين من جيله رحمهما الله. حيث يروي عن الشيخ بداه ولد البصيري أنه كان يدخل علي ولد هيدالة في مكتبه وماأدراكم ماولدهيداله؟! ويقوم بتوجيه عصاه بإتجاهه ويقول له : أنت لست سوي مؤتمن فلتؤدي أمانتك وخادم للشعب فلتتقن خدمتك! كماأن لبداه مواقف كثيرة في توجيه الحاكم ومنها خطبته الشهيرة التي ألقاها بحضور معاوية وكبار معاونيه ،و كانت تلك الخطبة عن "حرمة أكل المال العام". أما الشيخ الثاني فهو محمد سالم ولد عدود فقد سئل ذات مرة في تلفزيون خليجي عن موقفه من التطبيع مع اسرائيل، فأجاب وبدون تردد أنه مع التطبيع! فالتطبيع لغة هو إعادة الشئ إلي طبيعته وعلاقتنا الطبيعية مع اليهود هي المقاطعة والعداء! كان الشيخ عدود رحمه الله مطبّعا مع إسرائيل ومع الشعب ومع الحكومة...
نحن لسنا مؤسسة علمية حتي نقيّم من يحفظ المتون أكثر ومن هو أدري بتأويلها! لكننا كمحكومين ومتلقيين نعرف أن واجب العلماء والمفكرين والنخبة هو تبني مطالب الشعب والسعي الي تحقيقها بمافيه صالح الوطن ، أو علي الأقل أن يكونو متوازنين في موقفهم من الحاكم والمحكوم.  نريد قليلا من الاحترام لمشاعر و عقول المواطنين يرحمكم الله.

الأحد، 1 يناير 2012

مقتطفات من كتاب "الطاغية"

مقتطفات  قرأتها من كتاب بعنوان: الطاغية- دراسة فلسفية لصور من الإستبداد السياسي- تأليف أ.د.إمام عبد الفتاح إمام اصدار عالم المعرفة.
  أحببت أن تشاركوني فيها و أحب أن ننوه اننا يجب أن نرفض اي طاغية كائنا من كان و تحت أي مسمى أتي و لا يهم بأية قيم ينادي لأن الطغيان كالسم ان وضعته مع الخبز أو اللحم أو العسل تناولته مع الطعام الكريه أو الطعام الشهي صرفا أو ممزوجا  فهو يقتلك  وكذلك الطغيان و إن اختلط بالقومية أو الدين أو العلمانية أو التقدم أو الحكمة أو المقاومة أو اليسار أو اليمين فهو اسرع طريق لدمار المجتمع , و الآن لنقرأ هذه المقتطفات معاً:
  1. ولطول إلفنا بالطاغية  لآلاف من السنين لم نعد نجد حرجا ولا غضاضة في الحديث عن إيجابياته  وما فعله من أجلنا من جليل الأعمال.
  2. ولست أجد ردا أبلغ من قول السيد المسيح:  ماذا يفيد الإنسان لو أنه ربح العالم كله وخسر نفسه فحتى لو افترضنا أن له إيجابيات هائلة  فما قيمة هذه الإيجابيات إذا كان ثمنها تدميرالإنسان  وتحطيم قيمه  وتحويل الشعب إلى جماجم  وهياكل عظمية تسير في الشارع منزوعة النخاع  شخصيات تافهة تطحنها مشاعر الدونية والعجز واللاجدوى أيكون ما فعله طغاتنا من إيجابيات أكثر مما فعله هتلر  الذي اجتاح أكثر من نصف القارة الأوروبية  بل احتل بعض دولها في ساعات قلائل ثم.. ترك ألمانيا تحتلها أربع دول كلا لا قيمة لإيجابيات الطاغية- بالغة ما بلغت -لأن الثمن باهظ جدا: ضياع الإنسان !.(المشكلة أن الأحكام المتعاقبة علي غالبية البلدان العربية والاسلامية والافريقية دمرت الانسان و القيم والبلاد و المجتمع على كافة الاصعدة وليس لها أية ايجابية)
  3. إن الطغيان هو  السبب الحقيقي وراء تخلفنا الفكري والعلمي والاقتصادي وأنه المصدر الأساسي لكل رذائلنا الخلقية  والاجتماعية  والسياسية  لأن المواطن إذا فقد فرديته  أعني وعيه الذاتي أو شخصيته وأصبح مدمجا مع غيره في كتلة واحدة لايمايز فيها  كما هي الحال في قطيع الغنم  فقد ضاعت آدميته في اللحظة نفسها  وقتل فيه الخلق والإبداع  وانعدم الابتكار  بل يصبح المبدع  إن وجد  منحرفا  والمبتكر  شاذا وخارجا عن الجماعة !
  4. 4.      كل سلطة مفسدة  والسلطة المطلقة  مفسدة مطلقة..
  5. موقف الطاغية  هو موقف ذلك الذي يقطع الشجرة لكي يقطف ثمر.. .
  6. ليس للطغيان صورة واحدة.. . فمتى استغلت السلطة لإرهاق الشعب وإفقاره تحولت إلى طغيان أيا كانت صورته.
  7. 7.      إذا ذاق المرء قطعة من لحم الإنسان تحول إلى ذئب.. ومن يقتل الناس ظلما وعدوانا  ويذق بلسان وفم دنسين دماء أهله ويشردهم ويقتلهم.. فمن المحتم أن ينتهي به الأمر إلى أن يصبح طاغية ويتحول إلى ذئب.. أفلاطون: الجمهورية ٤٦
  8. أبرز صفات الطاغية  (قارنها مع غالبية الحكام العرب) :
أ‌.         الطاغية رجل يصل إلى الحكم بطريق غير مشروع  فيمكن أن يكون قد اغتصب الحكم بالمؤامرات أو الاغتيالات  أو القهر أو الغلبة بطريقة ما. (انقلاب أو تعديل دستور صوري ، أوانتخابات صورية)
ب‌.     ليس للطاغية قيم  أخلاقية يحافظ عليها  فلا وفاء بوعد  ولا أصدقاء ولا كلمة شرف (قتل و سرق و باع البلد و نشر الرذيلة  و دمر القيم و كذب على شعبه و كذلك كذب على رؤساء الدول الاجنبية و المنظمات الدولية و الاقليمية ، كالانقلاب علي الوعود بالديمقراطية، أو التملص من اتفاقية داكار مثلا)
ت‌.     وباختصار هو شخص لم يكن من حقه أن يحكم لو سارت الأمور سيرا طبيعيا و لكنه قفز إلى منصة الحكم عن غير طريق شرعي ، وهو لهذا يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم  ويعلم من نفسه أنه الغاصب والمعتدي  فيضع كعب رجله في أفواه ملايين  من الناس لسدها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبته.
ث‌.     لا يعترف بقانون أو دستور في البلاد بل تصبح إرادته هي القانون الذي يحكم  وما يقوله هو أمر واجب التنفيذ  وما على المواطنين سوى السمع والطاعة. ( لا يحترم القانون)
ج‌.      يسخر كل موارد البلاد لإشباع رغباته أو ملذاته أو متعه التي قد تكون في الأعم الأغلب حسية و قد تكون متعته في طموحاته إلى توسيع ملكه  وضم البلدان اﻟﻤﺠاورة أو الإغارة على بعضها لتدعيم ثروته.. . الخ  أو إقامة إمبراطورية.. . الخ. (يسخر الجيش لحماية النظام)
ح‌.      ينفرد مثل هذا الحاكم بخاصية أساسية  في جميع العصور  وهي أنه لا يخضع للمساءلة ولا للمحاسبة  ولا للرقابة من أي نوع  والواقع أن الطغيان في أي عصر:هو صفة للحكومة المطلقة العنان التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محقق والحكومة لا تخرج من هذه الصفة ما لم تكن تحت المراقبة الشديدة والمحاسبة التي لا تسامح فيها . والواقع أن هذه الخاصية بالغة الأهمية لأنها العلامة الحاسمة التي تفرق بين عائلة الطغيان  أيا كان أفرادها وبين الأنظمة الد يمقراطية التي يحاسب فيها رئيس الدولة كأي فرد آخر فلا أحد يعلو على القانون فعلا ولا كلاما ولا خطابة.
خ‌.      يقترب الطاغية من التأله  فهو يرهب الناس بالتعالي والتعاظم  ويذلهم بالقهر والقوة وسلب المال حتى لا يجدوا ملجأ إلا التزلف له وتملقه !.وعوام الناس يختلط في أذهانهم الإله المعبود والمستبدون من الحكام. لهذا خلعوا على المستبد (أو الطاغية ) صفات الله: كولي النعم  والعظيم الشأن والجليل القدر وما إلى ذلك وما من مستبد سياسي إلا ويتخذ له صفة قدسية يشارك فيها الله أو تربطه برباط مع الله  ولا أقل من أن يتخذ بطانة من أهل الدين يعينونه على ظلم الناس باسم الله . (كالخير جانا بمجيكم ، أو لوكان الرسول(صلعم) حيا لأمّركم ووشّحكم ،أو....، أو صفة رئيس الفقراء مثلا!) فسبحان الله رب العرش عمايصفون لا يسأل عما يفعل وهم يسألون  (الأنبياء آية ٢٣ ).
  1. يمكن أن نلخص أبرز خصائص الشمولية فيما يأتي:
    أ‌.         ضرب من ضروب الحكم التسلطية يختلف ويتميز عن شتى أنواع الاستبداد والتسلط السابقة (كالفاشية في إيطاليا وألمانيا والاتحاد السوفييتي تحت حكم ستالين). وهي تتمسك بالمظهر الديمقراطي لتسويغ سلطتها وإعطاء نظام حكمها طابع الشرعية  فإذا كان الأوتوقراطيون التقليديون يفرضون سلطاتهم دون ادعاء أساس شعبي فإن الشمولية تلتزم في الظاهر بالمبدأ القائل إن الأساس الوحيد المقبول لشرعية الحكم هو قبول المحكوم بالحاكم وموافقته عليه .
ب‌.     الترجمة الحقيقية للديمقراطية في المذهب الشمولي هي أن إرادة القائد أو الزعيم هي إرادة الشعب  أو كما ذهب بعض المنظرين عندنا في العهد الناصري هي ديموقراطية التحسس بمعنى أن القائد الزعيم الملهم يتحسس مطالب الجماهير  ويصدر بها قرارات وقوانين. و لما كان الشعب دائما على حق  فإن الزعيم المعبر عن إرادة الشعب هو أيضا دائما على حق ولكي يثبت القادة الشموليون أن إرادتهم هي إرادة الشعب فإنهم يلجأون إلى أسلوب الاستفتاء العام  والتصويت التهليلي وبهذه الطريقة يستخرج الزعيم الملهم  والقائد الساحر  من قبعة الدكتاتورية أرنبا اسمه الديمقراطية!
ت‌.     القائد يعبر عن إرادة الشعب  لكن كيف تتكون إرادة الشعب  وكيف تتحددها هنا يكمن ضعف الديمقراطية: مظاهرة التلاعب بمشاعر الجماهير والسيطرة على الشعب باسم الشعب وباسم الديمقراطية ظاهرة قديمة قدم الديموقراطية نفسها. غريزة القطيع :ولقد أدرك السياسيون الشموليون هذه الحقيقة  فاتجهوا إلى مشاعر الناس لا إلى عقولهم  واكتسبوا التأييد من خلال تعطيل العقل وإلهاب المشاعر و إثارة الحماس بالخطب واللافتات  والشعارات الكبرى إذ يسهل جذب الجماهير عن طريق العواطف والمشاعر (شعار الحرب علي الفساد، أو الحرب علي الارهاب كمثال ) لأن طريق المناقشات العقلية أو طرح الأفكار قد تثير جدلا  وبالتالي خلافا في الرأي  والخلاف في الرأي غير مسموح به  لأنه يتعارض مع الرؤية الشمولية التي توحد اﻟﻤﺠتمع في كل واحد.
ث‌.     الاستفادة من تحديث وسائل الإعلام  والاتصال  والإثارة  والترغيب والترهيب للتأثير على جماهير الناس  وتحقيق التطابق المنشود بين  إرادة الشعب وإرادة القائد. ومن عجب أن تستخدم التقنية الحديثة التي هي ثمرة الحضارة من قبل الدكتاتوريات الحديثة لتزييف مبدأ حكم القانون  وليستبدل به مبدأ الخضوع لإرادة القائد  واعتبار هذه الإرادة معيارا مطلقا ونهائيا للخير والشر  وللحق والباطل.. وهكذا نصل إلى مفارقة غريبة  هي أن حركات الشعوب التي كانت تستهدف الإطاحة بالطغيان  تخلق هي نفسها طغيانا من نوع جديد هو طغيان الجماهير.. !
  1. تعريف أنواع الحكم : 
أ‌.         تكنوقراط  = حكم التقنين (غير السياسين أو حكم الاخصائين كل في مجاله كعلماء الاقتصاد  و الهندسة و التنمية  الخ
ب‌.     الثيوقراطي = الحكم بحق إلاهي
ت‌.     ديموقراطي = حكم الشعب حيث تقدر الحرية تقديرا عاليا.
ث‌.     الأرستقراطي=  حكم القلة الفاضلة  ويتجه نحو الخير مباشرة  ومن ثم فهو نظام الحكم العادل.
ج‌.      التيمقراطي= وهو الحكم الذي يسوده طابع الطموح من محبي الشرف  أو الطامحين إلى اﻟﻤﺠد  الذين تكون وجهتهم  السمو  والتفوق  والغلبة.
ح‌.      الأوليجاركي= وهي حكومة القلة الغنية  حيث يكون للثروة مكانة رفيعة.
خ‌.      الأوتوقراطية  أو الطغيان = وهي حكومة الفرد الظالم  أو الحاكم الجائر  حيث يسود الظلم الكامل بغير خجل أو حياء, تعني الحاكم الفرد الذي يجمع السلطة في يده ويمارسها على نحو تعسفي  وقد يكون هناك دستور  وقد تكون هناك قوانين تبدو في الظاهر أنها تحد سلطة الحاكم أو ترشده،  غير أن الواقع أنه يقدر أن يبطلها إذا شاء  أو يحطمها بإرادته. ومعظم المنظرين يعتقدون أن الحكم الأوتوقراطي يتطلب تركيز السلطة في يد شخص واحد لا في يد جماعة أو حزب أو مؤ تمر والواقع أن الأوتوقراطية مايمكن بهذا المعنى أن تطلق على حكومات فردية  متعددة ومتنوعة  حيث يتمثل الاستبداد في إطلاق سلطات الحاكم الفرد وفي استعماله إياها في بعض الأحيان  لتحقيق مآربه الشخصية. ومايمكن أن توصف به أنظمة متعارضة أشد التعارض: فحكم قيصرروسيا قبل الثورة كان حكما أوتوقراطيا  وبا لمثل كان حكم ستالين!
  1.  و من عائلة الطغيان الكريهة نجد مصطلح محبب عند البعض وأعني به مصطلح المستبد العادل  أو المستنير أو الطاغية الخير أو الصالح  أو الدكتاتور العادل.. . الخ. وإذا بدأنا بمصطلح الطاغية الصالح أو الخير  فأظن أن علينا رفضه منذ البداية  إذا كانت هناك فكرة واحدة في النظرية السياسية لا خلاف عليها فهي أن الطغيان هو أسوأ أنواع الحكم وأكثرها فسادا  لأنه نظام يستخدم السلطة استخداما فاسدا  كما يسيء استخدام العنف ضد الموجودات البشرية التي لاتخضع له.. ولقد لاحظ أرسطو بحق أنه لايوجد رجل حر قادر على تحمل مثل هذا الضرب من الحكم  إذا كان في استطاعته أن يهرب منه فالإنسان الحر لا يتحمل مثل هذه الأشكال التعسفية من الحكم إلا مرغما  أعني إذا سدت أمامه كل أبواب الانعتاق من هذه الحكومات  ولهذا فان عبارة أرسطو تعبر بدقة عن أولئك الذين يعشقون الحرية  و يمقتون العبودية  وينظرون إلى الطغيان على أنه تدمير للإنسان  لأنه يحيل البشر إلى عظام نخرة.  إذا كان من صفات المستبد أن يكون ظالما جبارا كما يقول الكواكبي بحق  فكيف يكن في حكم العقل أن يكون المستبد عادلا؟  وكيف يمكن أن يكون مستنيرا؟  من يرضى أن تكون رعيته كالأغنام؟ !فالمستبد يرغب أن تكون رعيته (كالغنم دورا وطاعة وكالكلاب تذللا وتملقا). لاشك أن الاستبداد يهدم إنسانية الإنسان  والطغيان يحيل البشر إلى عبيد  وإذا تحول الناس إلى عبيد أو حيوانات فقدوا قيمهم  فلا إخلاص  ولا أمانة ولا صدق  ولا شجاعة.. . الخ بل كذب  ونفاق  و …تملق ورياء  وتذلل ومداهنة.. ومحاولة للوصول إلى الأغراض من أحط السبل وهكذا يتحول اﻟﻤﺠتمع في عهد الطغيان إلى عيون وجواسيس يراقب بعضها بعضا  ويرشد بعضها عن بعض  وليس بخاف ما نراه من أخ يرشد عن أخيه  وجار يكتب تقارير عن جاره  ومرؤوس يكتب زيفا عن رئيسه.. . الخ. ونحن نعرف أن الطغاة  والمستبدين  كانوا طوال التاريخ موضوعا للكراهية والخوف  ولم يكونوا أبدا موضوعا للحب أو الإعجاب  وهم في عرف المفكرين السياسين  قدماء ومحدثين على السواء  بدائيون من الناحية السياسية. ومهما أنجز الطاغية من أعمال  ومهما أقام من بناء ورقي جميل في ظاهره  فلا قيمة لأعماله  إذ يكفيه أنه دمر الإنسان: وماذا أفادت أعمال هتلر وموسوليني وماذا كانت النتيجة سوى خراب الدولتين ولولا أن إيطاليا أفاقت مبكرا من غيبوبتها لأصبحت دولة محتلة من أربع دول كما أصبحت أ لمانيا بعد هتلر.
  2. يجدر بنا أن نتساءل  من الناحية الفلسفية الخالصة: أيجوز لمستبد  بالغا ما بلغ عدله واستنارته  أن يفرض على الآخرين آراءه وأفكاره بدعوى أنها في صالحهم!. وبعبارة أخرى  أيجوز لنا أن نفرض على فرد ما أداء عمل معيّن أو الامتناع عن عمل آخر بحجة أن هذا الأداء أو هذا الامتناع لصالحه !. ألسنا نعامل الناس في هذه الحالة على أنهم قصّر لم يبلغوا  سن الرشد بعد؟!!. لقد طرح جون استيورات هذه الأسئلة في بحثه عن الحرية  وأجاب عنها بالنفي القاطع:لا يجوز إجبار الفرد على أداء عمل ما أو الامتناع عن عمل آخر بدعوى أن هذا الأداء أو الامتناع يحافظ على مصلحته  أو يجلب له نفعا  أو يعود عليه بالخير والسعادة  بل حتى لو كان ذلك في نظر الناس جميعا هو عين الصواب وصميم الحق بل إن الإيمان نفسه لا يجوز فرضه على الناس وإجبارهم عليه:(أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين..  (آية ٩٩ يونس).
  3. 13.  وإذا كان من حق الشعب اختيار الحاكم فمن حقه أيضا أن يثور عليه باسم اﻟﻤﺠتمع ككل وأن يخلعه من منصبه وبالقوة إن اقتضى الأمر.
  4. نختم مع شاعر دمشق نزار قباني :
حين يصير الناس في مدينة
ضفادعا مفقوءة العيون
فلا يثورون ولا يشكون
ولا يغنون ولا يبكون
ولايموتون ولا يحيون
تحترق الغابات والأطفال  والأزهار
تحترق الثمار
ويصبح الإنسان في موطنه
أذل من صرصار..

السبت، 31 ديسمبر 2011

أمنية صديق ...

كانت ليلة شتوية بامتياز ، حين قرر بعض الأصدقاء أن يلتقو عندي في المنزل لشرب الشاي، فكنت أول الموافقين فمن المعروف عني  حب الشاي علي الطريقة  الموريتانية خصوصا عندما يكون في جو عائلي يتميز بدفئ الصداقات الجميلة ، ذهبنا الي المنزل وبدأنا في اعداد الشاي و تبادلنا أطراف الحديث ، وماان مرت دقائق حتي كانت الساعة تقترب من منتصف ليل رأس سنة 2011 فكانت التبريكات والأماني بحلول العام الجديد ، الاأن أحد الأصدقاء فاجأ الجميع حين سئل عن أمنيته!! حيث كانت أمنيته بكل بساطة (سقوط نظام ولد عبد العزيز)، فاستغرب الحضور تلك الأمنية بمافي ذالك أنا!! كيف يسقط  النظام؟ وكيف يتغير الرئيس؟ سألت صديقي فبدي لي جادا في أمنيته التي أثرت في نفسي علي مدي عام بأكمله. ان النظام في موريتانيا لايختلف كثيرا عن أمثلته في العالم العربي ، فهو نظام فاسد ومبني علي الباطل، ويتلاعب بعقول المواطنين ، وبمقدرات الوطن ، وماالديمقراطية التي يتشدق بها الا صورة من صور "الديكتاتورية الرشيدة" التي يخدّر بها الشعب!  ، اذا الأسباب موجودة فعلا لاسقاط النظام وتغييره! لكن كيف يتم تغيير النظام؟؟ فعندنا لاتوجد طريقة واضحة للوصول الي الحكم فالانقلابات  دائما ماتكون مفاجئة وقد راح ضحيتها كثيرون مابين قتيل وجريح وسجين و...! ثم أنها لاتأتي بالتغيير المنشود فهي لاتغير سوي بعض الأسماء (اسم الحركة الانقلابية ومن يتزعمها...) دون تغيير لأسلوب الحكم أو تحسين لحال البلاد والعباد ، والغريب أنه بامكانك مشاهدة الرئيس المنقلب عليه مرشحا لرئاسيات أو مدعوا لحضور انشطة رسمية!! وكأنه كان متمالئا مع من انقلبو (علي رئاسته) افلانستطيع القول علي (حكمه)  فحكمه  قد تم توطيده أكثر. وأما اذا تحدثنا عن الوصول الي الحكم عن طريق  الانتخابات فبغض النظر عن شفافيتها من عدمها ، فانها لاتأتي الابانقلابي "مشهود الانقلاب" أو برئيس يمكن الانقلاب عليه مابين طرفة عين وانباهتها!!ابعد تلك الليلة بدأت الأحداث تتسارع في العالم العربي  علي مدي عام بأكمله، والفساد تزداد وتيرته في موريتانيا ولوحظ تراجع كبير في المكتسبات الديمقراطية  من تأجيل للانتخابات الي قمع للتظاهرات ... وارتفعت الأسعار ونقصت الأمطار و... ولم يعد صديقي منفردا بأمنيته لوحده بل أصبحت أمنية الكثرين من أبناء الشعب الموريتاني وأنا من بينهمبحلول العام الجديد أقول لكل أصدقائي أنه علي رأس أمنياتي ل2012  زوال كل أنظمة الاستبداد والفساد في العالم العربي والافريقي ومانظام ولد عبد العزيز الا أحد تلك الأنظمة!!سنة سعيدة ، سنة كرامة، سنة حرية، سنة ديمقراطية للجميع.

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

نصف ساعة مع ابنى خالد

شاءت الأقدار أن يرتبط حبسى بالقضاء الطبيعى: اعتقلت فى عام ٢٠٠٦، مع خمسين زميلا من حركة كفاية، ومئات لا تحصى من الإخوان المسلمين، بسبب تضامننا مع انتفاضة القضاة ضد مبارك ونظامه. اعتصمنا لأجل استقلال القضاء والإشراف القضائى الكامل على الانتخابات، فحبستنا نيابة أمن الدولة شهرا ونصف الشهر.

والآن، فى زمن الثورة، حبستنى النيابة العسكرية، عقابا على إصرارى على المثول أمام قاضيَّ الطبيعى، وربما أيضا عقابا على دورى فى مذبحة ماسبيرو، الذى ارتبط بالقضاء الطبيعى أيضا، فوقفتنا فى المستشفى القبطى لضمان تحقيق جاد من النيابة العامة، وإصرارنا على تشريح دقيق من الطب الشرعى، هذه الوقفة هى السبب فى إدراج اسمى فى محاضر تحريات الشرطة والمخابرات العسكرية.

مع تساقط الشهداء مجددا فى ميدان التحرير، انتزعنا انتصارا فى قضية ماسبيرو، لكنه انتصار بطعم الجنزورى، فالقضية حولت بالفعل للقضاء المدنى ولكن بدلا من مثولى أمام قاضى تحقيق مستقل وجدت نفسى مجددا أمام نيابة أمن الدولة العليا.

فى زمن المخلوع كنا نرفض التحقيق أمام نيابة أمن الدولة لأنها قضاء استثنائى، لكن فى زمن الجنزورى رضينا بها على أساس أن الاستثنائى المدنى أفضل من الاستثنائى العسكرى. ولأنه انتصار جنزورى لم أفرح، بالعكس؛ عدت من النيابة فى حالة نفسية سيئة جدا، ومر علىّ أصعب أسبوع فى السجن، فما سبق كان نضالا ضد المحاكمات العسكرية، والنضال يلهمك الصبر ويسهل الصمود، لكن ما معنى استمرار حبسى بعد تحويل القضية؟ ما الهدف من صمودى؟

طمأننى المحامون أن استئناف قرار الحبس الاحتياطى سيكون أمام قاض طبيعى: أخيرا سأمثل أمام القاضى الذى تحملنا الحبس والسحل لإعلاء مقامه ومكانته، والمحافظة على هيبته وسلطته واستقلاله.

لم يكن يشغلنى وقتها إلا خروجى لحضور ولادة ابنى الأول، خالد. نصحنا الطبيب بولادة قيصرية مبكرة حرصا على صحة منال، ومع كل تجديد للحبس خاطرنا بتأجيل الولادة على أمل أن ننتصر وأحضرها.

خالد تضامن معنا؛ أضرب عن الخروج رغم مرور التسعة أشهر المقررة له، وانتظر أملنا الأخير: الاستئناف أمام القاضى الطبيعى. أملنا كان كبيرا، فلا يوجد سبب لحبسى أصلا، فأنا برىء حتى تثبت ادانتى، وعودتى من السفر خصيصا للمثول أمام النيابة دليل على أنى لم أهرب، وأصلا التهم الموجهة إلىّ واضح أنها ملفقة، والتحريات واضح أنها غير جادة، وشهود الزور شهاداتهم متضاربة، والأدلة قدمناها وطلبنا سماع شهود لإثبات عدم تواجدى فى مسرح أحداث ماسبيرو أصلا وقت المجزرة، فالحق بين.

خالد عمل اللى عليه وانتظر القاضى، ترافع المحامون، وختموا مرافعتهم بتقدم منال أمام القاضى وطالبت بإخلاء سبيلى لحضور الولادة، لكن قاضيّ الطبيعى نظر لها نظرة غريبة. أظننى عرفت حين رصدت تلك النظرة أنه لن ينصفنى.

انهارت معنوياتى تماما، وغرقت فى هلع وقلق على خالد وأمه. لأول مرة صعبت عليا نفسى، حبسى صار ضربا من العبث، ومخى وقلبى لا حمل لهما على العبث. أفهم لماذا حبستنى نيابة أمن الدولة.

ولكن لماذا حبسنى القاضى؟ ما العداوة بينى وبينه؟ وما مصيرى الآن؟ هل سأتحول لواحد من آلاف الكائنات البائسة بسجن طرة، تحقيق؟ ننتظر شهورا ــ وأحيانا سنوات ــ حكم لا يأتى، من أيدى قضاة يقول لهم القانون إننا بريئون إلى أن تثبت إدانتنا ويقول لهم الدستور إن حريتنا وحقوقنا لا تقيد إلا بحكم قضائى ولكنهم لا يسمعون، فيستمر حبسنا ولا تنتهى قضايانا وينسانا العالم الممتد خلف الأسوار؟ كل من فى السجن باهت وبائس، حتى القطط شاحبة؛ حركتها بطيئة، وعيونها منطفئة منكسرة.

نمت مقتنعا أن هذا مصيرى، أمامى نصف عام على الأقل قبل أن تحال القضية للمحكمة وشهور من التأجيلات قبل البراءة، كيف سأصمد؟
ــ ثم جاء خالد! فى عصر اليوم التالى وصلتنى رسالة تطمئننى على سلامته وعلى صحة منال، وصورة. حب من أول نظرة، حب من أول صورة. تبدد السجن وأسواره وقططه، تبدد كل شىء إلا حبى لخالد وفرحتى بقدومه. ونمت مرتاح البال.

فى يومه الثالث زارنى خالد. كانت مفاجأة. توقعت ألا يسمح الطبيب بزيارة إلا بعد أسبوع على الأقل. زارنى خالد لمدة نصف ساعة. حملته فى يديا عشر دقائق.

يا الله! إزاى جميل كده؟ حب من أول لمسة! فى نصف ساعة أعطانى فرحة تملأ السجن أسبوعا كاملا. فى نصف ساعة أعطيته محبة تمنيت أن تحيطه أسبوعا كاملا. فى نصف ساعة تغيرت وتغير الكون من حولى. أفهم الآن لماذا يستمر حبسى: أرادوا أن يحرمونى من الفرحة. أفهم الآن لماذا سأصمد: حبسى لن يمنع محبتى، سعادتى مقاومة، أن أحمل خالد لدقائق نضال.

لم أقاوم وحدى لحظة؛ يشاركنى دائما متضامنون. لذا لم أسعد وحدى بخالد، غمرتنى سعادة المتضامنين. اعتدت تلقى تويتات فى صورة برقيات فى محبسى: تهانى بعيد الأضحى وبعيد ميلادى، وصلتنى أيضا تهانى بعودة الثوار للميدان، لكن خالد حاجة ثانية! كم رهيب من البرقيات، أغلبها من ناس لا أعرفهم وربما لن أتشرف بلقائهم أبدا، كتبوا ليعبروا عن فرحهم بقدوم خالد وحبهم له. كتبوا يعرفون أنفسهم، أسماء أفراد عائلاتهم، عنواينهم، وظائفهم، مدنهم، كتبوا أن لخالد عمو وطنط فى مئات البيوت فى كل مكان فى مصر.

للأسف لا يسمح لى بالاحتفاظ بالبرقيات، أقرأها مرة واحدة على عجل ثم تختفى، لن أتمكن من ترديد أسامى كل طنط وكل عمو لخالد، لكن محبتهم وصلت. نصف ساعة تلهمنى سعادة أعيش عليها أسبوعا. مجرد خبر قدومه يلهم أناسا لا يعرفوننا سعادة تدفعهم لإرسال برقيات لأب محبوس.

نصف ساعة لم أفعل فيها سوى النظر إليه، ما بالكم بنصف ساعة أغَيَّر له فيها، أو نصف ساعة أطعمه فيها، أو نصف ساعة ألاعبه فيها؟ ماذا عن نصف ساعة يحكى لى فيها عن مدرسته؟ نصف ساعة نتناقش فيها عن أحلامه؟ نصف ساعة نختلف فيها على نزوله المظاهرة؟ نصف ساعة يخطب فيها بحماسة عن الثورة وكيف ستحررنا كلنا؟ عن العيش والحرية والكرامة والعدالة؟ نصف ساعة أفتخر فيها أن ابنى راجل شجاع شايل مسئولية بلد قبل ما يصل لسن يشيل فيه مسئولية نفسه؟

ما مقدار السعادة فى نصف ساعة كهذه؟ كآخر نصف ساعة قضاها أبو الشهيد مع ابنه؟
ــ يحرمنى السجن من خالد إلا نصف ساعة. أصبر لأننا سنقضى باقى ما كتب لنا من أنصاف ساعات معا. كيف يصبر أبو الشهيد؟

الشهيد خالد، فى قلوبنا خالد، فى عقولنا خالد، فى التاريخ خالد، وفى الجنة خالد. لكن هل يجلب خلوده السعادة لأبيه؟ قلبه سينفجر بمحبة ما بقى من العمر من أنصاف ساعات. هل يفرغ ما فى قلبه بحضن التاريخ؟ أنا أنتظر الإفراج وأصمد. ماذا ينتظر أبو الشهيد؟ أن يلحق بالخالد فى الجنة؟

تصورنا أن القاضى سينصفنا، فى ٢٠٠٦ هتفنا «يا قضاة يا قضاة خلصونا من الطغاة»، فحبسنى القاضى الطبيعى ليحرمنى من خالد. تصور أبو الشهيد أن الجندى الطبيعى سينصفه، وفى فبراير هتفنا «الجيش، والشعب، إيد واحدة»، فدهسنا الجندى الطبيعى ليحرمنا من الخالد.

البحث عن أسباب حبسى عبث. حبسى لن يعيد دولتهم. بالمثل سقوط أغلب الشهداء عبث، ربما قتلوا الشهداء فى البداية لوقف الثورة، لكن لماذا استمروا فى القتل بعد أن ثَبُت مرارا وتكرارا أن الثورة تستمر؟ بل يزيد القتل كلما اقتربوا من الهزيمة. أذكر جيدا ظهور القناصة يوم الجمال، جاءوا متأخرين بعد أن تبين أن الميدان سيصمد، كان قتلا لأجل القتل، بلا هدف استراتيجى: القتل فقط ليحرمنا من الخالد. عبث، فقتلنا لن يعيد دولتهم.

علينا أن ننتبه: هم لا يقتلوننا ليعيدوا دولتهم؛ هم يقتلوننا لأن القتل والحبس سلوك طبيعى فى دولتهم. نعم سلوك طبيعى، احنا بس اللى بنضحك على نفسنا. لم تخذلنا فقط شرطة دولتهم، ألم يشاركهم عمداء كلياتها فى دهس أولادنا؟ ألم تخذلنا مستودعات بوتجازها وأفرانها؟ ألم تخذلنا عبّاراتها وموانيها؟ ألم تخذلنا عجلة إنتاجها التى لا تبخل على المدير والمستشار بالملايين ــ حتى وهى متوقفة، وتستكثر على العامل والموظف الفتات وهى تدور؟

ألم يخذلنا اقتصادها الذى يغلق مصانع الغزل رغم تكدس القطن فى بيوت الفلاحين، ويشغل مصانع السماد رغم تكدس السموم فى الماء؟ ألم تخذلنا نوادى كرتها التى تترك جمهورها فريسة الأمن لو شجعوا بصخب وتتدخل لإنقاذ لاعبيها من المحاسبة حتى لو رفعوا سلاحا على أعزل؟ خذلتنا وتخذلنا كل مؤسساتها وكل قوى ومسئول قيادى فيها، وغدا سيخذلنا برلمانها ورئيسها.

لم أكن أتصور أن بقلبى محبة كالتى اندفعت مع ولادة خالد، كيف استوعب ما فى قلب أبو الخالد من الحزن؟ يا الله إزاى قاسية كده؟ أن تدفن ابنك لا أن يدفنك، هل هناك ظلم يفوق هذا؟ هل هناك اختلال للميزان أكثر من هذا؟ نضحك على أنفسنا ونفترض أنه حدث استثنائى ومن الممكن إصلاح تلك الدولة، لكن كل الشواهد انه حدث طبيعى ولا أمل إلا اسقاط تلك الدولة.

نعم لتسقط دولتهم. نخاف مواجهة الحقيقة، نخاف على البلد إن سقطت الدولة، لو أسقط الميدان الدولة ماذا يتبقى لنا؟ مصر ليست الميدان.

صحيح مصر ليست الميدان، لكننا لم نفهم الميدان. ماذا نفعل فى الميدان؟ أبدا، نلتقى، نأكل، ننام، نتناقش، نصلى، نهتف، نغنى، نبذل الجهد والخيال لتوفير احتياجاتنا، نفرح ونهلل فى زفاف، نحزن ونبكى فى جنازة، نعبر عن أفكارنا وأحلامنا وهويتنا، نتشاجر أحيانا، نحتاس ونرتبك ونتخبط بحثا عن المستقبل، ونقضى اليوم بيومه لا ندرى ما يخبئه لنا المستقبل.

أليس هذا ما نفعل خارج الميدان؟ لا شىء استثنائيا فى الميدان إلا لَــمِّتنا. خارج الميدان نتصور أننا نفرح فى الزفاف لأننا نعرف العروسين، فى الميدان فرحنا لزفاف أغراب واحتفلنا. خارج الميدان نتصور أننا نحزن فى الجنازة لأننا نعرف الفقيد، فى الميدان حزننا على أغراب وصلينا عليهم.

لا شىء جديدا فى الميدان إلا أننا نحيط أنفسنا بمحبة الأغراب. لكن محبة الأغراب ليست حكرا على الميدان: مئات أرسلوا لى برقيات محبة لخالد من خارج الميدان، بعضهم كتب عن نفسه أنه من حزب الكنبة. ملايين حزنوا على الشهيد فى كل بيت فى مصر.

نفرح بالزفاف لأنه زواج. نحزن فى الجنازة لأنه الموت. نحب المولود لأنه إنسان ولأنه مصرى، ينفطر قلبنا على الشهيد لأنه انسان ولأنه مصرى. نذهب للميدان لنكتشف أننا نحب الحياة خارجه، ولنكتشف أن حبنا للحياة مقاومة. نجرى نحو الرصاص لأننا نحب الحياة، وندخل السجن لأننا نحب الحرية.

البلد هو ما نحب وما نحيا، ما يفرحنا وما يحزننا. لو سقطت الدولة لن يبقى فقط الميدان، ستبقى محبة الغريب وكل ما دفعنا للميدان وكل ما تعلمناه فى الميدان.

الحب خالد والحزن خالد والميدان خالد والشهيد خالد والبلد خالد، أما دولتهم فلساعة، ساعة فقط.

أبو خالد
صباح الجمعة 9 12 2011
زنزانة 6/1
عنبر 4
سجن طرة - تحقيق

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

آفاق التغيير في بلاد شنقيط

لم تكن الثورة المصرية كثورة الياسمين بتونس، ولن تكون الليبية كسابقتيها، و لا يمكن أن تكون الثورتان اليمنية و السورية كاللواتي سبقنهما و لا كتلك اللاحقة

كتب أحدهم ساخراً أن الخطاب الذي سيلقيه القائد العربي الأخير الذي تصله الهزات الإرتدادية للثورة، سيكون خطاباً طويلاً؛ إذ لابد له فيه من البدء بالأرجوزة المضحكة، و القائلة أن بلده "ما هوش كما كتونس"، و ما هو "زَيْ" مصر، و "مش كيف" ليبيا، و بعيد كل البعد عن اليمن، و يختلف عن سوريا، و لا يشبه العراق، و لا يتشابه مع الأردن، و أكبر من البحرين...و...و...و"، حتى يصل إلى القطر العربي الثّائر الأخير الذي يليه، فيصبح خطابه أقرب للفكاهة منه إلى شيء آخر. ولكن ذلك الزعيم العربي سيكون محقًا في نفس الوقت، لأنه ستكون لكل شعب بصمته الثورية، فريدة في شكلها، ولكن المضمون واحد و البُغية هي نفسها: الإنعتاق من العبودية و استنشاق عبق الحرية.

قالت وزيرة الخارجية الآمركية كلينتون في تصريح لها إبان الثورة المصرية أن "الذي يظن [من القادة العرب] أن هذه الثورات العربية لن تطرق بابه فهو واهم"، مُستبقةً بذلك الأحداث بما يُدخل الحَزَن إلى قلوب أوليائها من حكّام العرب. ولكن الخارجية الآمريكية لم تعد تراهن على بقاء أولئك الحكام بعد سقوط أكثرهم ولاءاً و أرسخهم حكماً بمصر، بل إنها لم تعد تريد المجازفة بعلاقتها المستقبلية مع الشعوب العربية بعد استيعاب الدرس المصري. مثلها في ذلك ما صرّح به الرئيس الفرنسي ساركوزي بعد إخفاقه بداية في فهم الرسالة التونسية. ولكن الأشجع من ذلك و الأكثر صراحة ما تلفظ به أمير دولة قطر حين قال أن "التغيير قادم و علينا الترحيب به" في نُقلة نوعية من حاكم عربي، معبّراً عن عجز أيّ كان عن كبح هذا السيل الثوري الجارف.

عندها أخذت بقية العروش ترتعش في انتظار أدوارها. فمن مُغدق بالوعود على شعبه من زيادة في الأجور و حتى معاشات التقاعد و زائد لحقوق المرأة و الشجرة و الحمار، إلى مُناد بالحوار اللاّ مشروط الذي "يمكن أن يُناقش فيه كل شيء"، مروراً بالتغييرات الدستورية الإستباقية أو الوقائية، علّها تقي صاحبها داء الثورة الماحق، الذي إن أتى فلا ينفع مال و لا بنون إلّا من أتا الله بحكم سليم.

أعتقد، إذن، أنه يجب التّحلّي بالشجاعة الكافية حتى نعترف و نقبل بأنّ نوعاً من النّضج قد وصل إليه الشّارع و الشعب العربيان، ألا و هو ضرورة التغيير...و أي تغيير؟ إنه التغيير المنشود الذي "هرمت" الشعوب في طلبه "زنقة زنقة"، فلم تجد بُدًّا من التعبير عنه إلا بالجملة الصريحة :"الشعب، يُريد إسقاط النظام". وليس بطريق الإنقلابات المشؤومة، التي كانت هي السبيل الوحيد للتغيير الذي عوّدنا عليه العسكريون بكل مرارة و بؤس، لأنه في نفس الوقت كان من أحسن السُّبل المؤدية إلى زرع و تشييد تلك الديكتاتوريات البغيضة.

أما نحن، أهل موريتانيا ... سكان بلاد شنقيط القصية، فإننا نعاني منذ عقود من تسلُّط كارثتين اثنتين، تقفان في وجه كل إصلاح و تقطعان سبيل كل تنمية ... اختصاصهما : وأد الأحلام و تسفيه العزائم و تثبيط الهمم ... ألا و هما الحُكم و الفكر و التدبير و التنظير العسكري من جهة، و عقلية الإنبطاح السياسي و ثقافة الذُّل المَخزَني من جهة أخري. تتداعى هاتان الظاهرتان لمحق كل مستقبل مُشرق في موريتانيا، إذ تغذي الأولى الثانية بما تسرقه من قوت البلد لتثبيت عرشها، و تمد الثانية الأولى بما تتوارثه، أباً عن جدّ، من بَديعيّات التزلف و مُحسّنات التّملق. وهكذا يرزح العباد و البلاد تحت ثقل هذه الحلقة التعيسة و المُفرغة، بل الفارغة اصلاً، من الإنحطاط المادي و المعنوي، التي يندر تأتّيها، بل ينعدم، في شعب أو في بلد إلاّ في بلدنا هذا المسكين و في بلادنا تلك ذات الوجه الشاحب، التي "هزلت حتى استامها، بل ركبها، المفلسون".

إنّ الذي يأمن بطش الثورة في بلد يدخل القرن الواحد و العشرين بمُدُن لا يوجد بها من الصرف الصحي إلاّ ما صُرف من الأموال لأكل ميزانيات الصحة البالية، و ليس بها من خدمة البريد إلاّ بريد الوشاية و النميمة و التملّق السريع، و ليس عنده من جهاز الحماية المدنية المتحضّر إلاّ جهاز التسلط العسكري المتخلّف، فهو ليعيش حالة من الغباء السياسي النادر.

إن "دولة" تفتقد لأهم مُقومات الدولة العصرية و تفتقر لأدنى ملامح المدنية، لَحَرية بأن تُفكر في مستقبل، بل في جدوائية، و جودها أصلاً. إنّ شرّ البلية ما يُضحك.

إن ثورتنا ستكون على مقاسنا و تبعاً لتطلعاتنا و في طليعتها "تأمُّرنا في أمرائنا" بعد "لحظة المُفاصلة مع الحكم العسكري" كما عنون لذلك الأستاذ محمد المختار الشنقيطي في مقاله الشيق الذي ظهر مؤخراً. إنّ أي اتجاه لثورة إصلاح في موريتانيا يجب أن يرتكز على فهم عميق لمبدإ المُفاصلة الحقيقية و النهائية مع الحكم العسكري بشتى أشكاله: أبتداءاً من الحكم العسكري المباشر و انتهاءًا بالحكم العسكري ذي اللبوس الديموقراطي الزّائف، مروراً بالتّحكم العسكري من وراء كواليس حُكم مدني ضعيف، و قد جربناها كلها بكل أسف و مرارة. فلا تعليم و لا صحة و لا فن و لا ثقافة و لا اقتصاد و لا عمران و لا رياضة في موريتانيا بعد ثلث قرن من التَّحكم العسكري في مصير الشعب الموريتاني المسكين.

إن إي نهضة إصلاحية في هذا البلد يجب أن تُعيد بناء الدولة، إن لم أقل بناءها ببساطة، على أسُس سليمة بعد نسف ذلك الثنائي المرير الذي يستحكم في موريتانيا منذ ردح من الزمن: حكم العسكر و بطانته من المنافقين السياسيين.

أعتقد أنه لا مفر من الوصول إلى هذه الفكرة و تلك النتيجة التي تتمحور حول إعادة بناء أغلب ركائز الدولة و ترميم المتبقي منها؛ أعني بذلك إنشاء دستور جمهورية مفصّلة على الشعب الموريتاني، تُلائمه ديناً و ثقافة و تاريخًا و تركيبة، بعيدًا عن استنساخ دساتير جمهوريات فرنسا البالية، بناء مؤسسات تعليمية حقيقية (تضمن لموريتانيا تكوين صُنّاع قرار المستقبل و تربيتهم على أساليب الحَكامة الرشيدة)، إعادة بناء جيش يفهم كلُّ أفراده ما لهم وما عليهم، بدقة و بدون تجاوز، إنشاء عاصمة و مدن عصرية، تربية المجتمع و الناشئة على العلم و العمل بمبدإ الحقوق و الواجبات، الذي أصبح في خبر كان منذ عقود؛ ليعلم كلٌّ ما له و ما عليه، فيلتزم بذلك. تلك أساسيات لم تقم (و لن تقوم) دولة بدونها. هذا بالإضافة إلا أمور أخرى لا يتّسع المقام و لا الاختصاص لسبر أغوارها، و لكن تلك أهمها و لعلها ألحّها. فعلى صُنَّاع القرار في موريتانيا اصطحاب تلك المبادء، علّها تخفف من تكاليف ثورة شنقيط المحتومة.

"فرصتكم أيها الشباب الموريتاني، تستطيعون أن تقدّموا لموريتانيا ما لم يُقدّم لها الحكم العسكري و مُنافقوه، لأنّنا من تجربتهم هرمنا ...هرمنا من أجل هذه العقود الغير تاريخية"

د. نورالدين ولد محمدو
باحث و مدرس جامعي

الأحد، 20 نوفمبر 2011

Mauritania mining company desecrates graves, enrages locals

The desecration of graves during excavation operations by a mining company in Mauritania has infuriated locals and placed the company between a rock and a hard place as rights organizations threatened the exposure of health and environment violations.

Residents of the Inchiri region in western Mauritania have recently opened fire on the Mauritanian Company for Copper Mines after it dug into several graves and moved their contents without their knowledge.

In response to the accusations, the company stated that surveys and studies revealed that several parts in the Inchiri region are rich in copper and gold. These parts, they added, had several scattered graves ─ mostly of nomads and shepherds who died on the way to another destination ─ which is why it is difficult to find their families and obtain their approval.

The company then submitted an official request to the Ministry of Oil and Mining to excavate in this area and dig into the graves. The ministry referred the request to the Ministry of Islamic Affairs for religious advice regarding the desecration of the graves and which, in turn, referred the issue to the Mauritanian Islamic Scholars Union. The final verdict was that digging the graves was permissible as long as it will be done for the sake of public interest.

Despite getting official permission, the company started its excavation in absolute secrecy for fear of infuriating the residents in the area or in case any of the deceased’s families are still around.

Local authorities formed a committee made up of a representative of the Ministry of Islamic Affairs, a doctor, a clerk, and manual laborers. Since the beginning of November, the committee has been overseeing the transfer of the contents of the graves in the area in which the company will start its excavations. The company was also planning to pay compensations for any of the families of those buried in the graves in case they still live in the area after the transfer was over.

However, the committee’s hopes to accomplish the mission discreetly were dashed when the media got wind of the grave digging process and all Mauritanians were infuriated by such an unprecedented action.

The desecration of graves is new to Mauritania even though it is quite common in other Arab countries, said researcher Mohamed Olu Adomo.

“Some countries allow construction operations at grave sites to solve population problems and make new lands available to people who have nowhere else to go but this is not the case in Mauritania,” he said.

Olu Adomo explained that Mauritania is full of sites that are rich in several kinds of metals, so there was no necessity in choosing regions that house graves for excavation.

“Graves are sacred and they are the property of those buried in them. They should never be desecrated and their contents cannot be transferred unless it is an emergency.”

Olu Adomo pointed out the difference between bodies that have turned into dust and those whose remains still exist and said that only in the first case can digging be done, and then too, only if cause for necessity is established.

“Digging into graves with remains will terribly hurt the feelings of the deceased’s family and will violate the sanctity of the dead body.”

The grave digging incident opened a Pandora’s Box for the copper company and other mining companies as activists and non-governmental organizations launched a campaign to expose the violations committed by those companies.

Campaigns focused on the chemicals and toxins those companies use or leave behind and which have serious, sometimes fatal, effects on the people, the environment, and the land.

Activists who led the campaigns referred to reports issued by several mining and environment experts and which accused mining companies of violating international standards. This, they said, especially applies to the methods those companies use to dispense of their waste and the way they turn areas of land to open waste dumps. These practices, researchers point out, have detrimental effects on arable land and potable water.

Mauritania is known for the abundance of metals in its land. Last year alone, 11.1 million tons of iron, 330,000 tons of copper, and 7.311 tons of gold were excavated.

The number of companies working in mining in Mauritania has reached 55, granted a total of 197 excavation permits.


(Translated from Arabic by Sonia Farid)

السبت، 8 أكتوبر 2011

"مهنة الأغبياء"

القيادة موهبة فطرية تولد مع الإنسان  فتنمّي وتطوّر . فتجد أن ّ الطفل القائد يهتم بتكوين نفسه في شتّي  المجالات منذ الصغر ليكون قادرا علي مساعدة الآخرين والاهتمام بالشؤون العامة للمجتمع,

كثير من سائقي السيارات في موريتانيا لم يعرفو يوما أنّ هناك مدارس لتعليم السياقة وأن هنالك قواعد للسير يجب اتباعها واشارات للمرور من الواجب إحترامها ... كثير منهم بدأ رحلة السياقة بركوب  سيارة قريب أو غريب لينطلق بسرعة أدني الي أخري قصوي ... حيث يعرّف السياقة أنها "مهنة الأغبياء" و أن تعلّمها لايحتاج أكثر من ركوب السيارة ومعرفة كيف تتغير السرعات من الأدني الي الأقصي  مرورا بالدوس علي الكابح ...حتي في الزحمة تجده لايتوقف بل يتعرج هنا وهناك ويسد الطريق علي هذا وذاك ... فالمهم عنده هو عدم استخدام الكابح الا في حالة الضرورة الملحّة أو للتوقف عند نقطة وصول لينطلق ثانية الي أخري جديدة . فلا حقّ للأسبقية متّبع ولاإحترام  لإشارات حمراء أو خضراء أو صفراء ان وجدت فتتعرض أرواح وأموال وحقوق  الي الخطر ....
تتعرض أرواح وأموال وحقوق أخري للخطر علاوة علي السابقة!  لأن كثيرا من رؤساء البلد لم يعرفو أن هناك مدارس وجامعات لإعداد القادة ... وأن القيادة هي تحريك الناس نحو أهداف واضحة تخدمهم حتي يكون أثرها الايجابي واضحا علي جميع  النواحي في حياتهم اليومية  , فالقيادة موهبة فطرية تولد مع الإنسان  فتنمّي وتطوّر . فتجد أن ّ الطفل القائد يهتم بتكوين نفسه في شتّي  المجالات منذ الصغر ليكون قادرا علي مساعدة الآخرين والاهتمام بالشؤون العامة للمجتمع, وتنمو تلك الصفة الفطرية حتي يتميز صاحبها بالشعور بأهمية الرسالة , وقوة الشخصية , والإخلاص ,والنضج والآراء الجيدة المنبثقة عن بصيرة وحكمة إذ يميز القائد بين المهم والأهم , كماأنه يجب علي القائد أن يكون حيويا ونشيطا , وأن يكون حازما ومبادرا ... والأهم من ذالك أن يضحي من أجل شعبه وأن يعطي أكثر مما يأخذ ...كماأن من أهم صفات القائد أن يتقن مهارات الاتصال والمخاطبة من فصاحة  اللّسان و قوة  التّعبير ,وأن تكون لديه القدرات الإدارية من قدرة علي التخطيط والتوجيه والتنظير والرقابة وتشكيل فرق العمل و تقويم الآداء.
في بلدنا لاندقّق في  هذه الصفات إذا كانت هناك فرصة انتخابية ولانقف في وجه من وصل الي السلطة فجأة ولم تتوفر فيه بعض صفات القائد علي الأقل ... وكأن كل مايهمّنا في رئيسنا هو أن يأتي عن طريق مايسمي بالحركات التصحيحية لأنظمة كان هو في الصف الأول من منتسبيها ... حركات تصحيحية تتعدد أسماءها من انقلاب الي ثورة في بعض الأحيان ... كل همنا أن يكون الرئيس مضحكا في خطاباته وزياراته أو لقاءاته مع الشعب ... وأن يلحن في القول كلما سنحت الفرصة لذالك ...  وأن يأخذ دون عطاء يذكر أمام ماأخذ وسيأخذ... وكأن الرئاسة في بلدنا "مهنة الأغبياء" أوالحمقي إن جاز التعبير , فلاطريق واضح للوصول إليها ,ولاأهداف واضحة , ولاإنجازات لها أثر إجابيّ علي حباة النّاس محقّقة , ولاوعود أو مواعيد محترمة , ولاقوانين مطبقة , ولاإشارات خضراء أوحمراء أو صفراء إن وجدت  متّبعة ... فتتعرض أرواح وأموال وحقوق للخطر.
عذرا فلاتوجد مهنة للأغبياء ولا للحمقي , وإنما يوجد الشخص المناسب في المكان المناسب.